الاثنين، 10 أبريل 2017

"فوبيا ايران" والهجوم اللفظي على سلطنة عمان



في مشهدٍ إلكتروني متكرر؛ تشن حسابات خليجية في مواقع التواصل الاجتماعي هجوماً كلامياً على السلطنة على خلفية خبر قيام السلطنة والجمهورية الإيرانية بعمل مناورات بحرية مشتركة تتعلق بسلامة الممر البحري وعمليات الإغاثة، هذا الهجوم اللفظي من قبل الأشقاء الخليجيين-وخاصة من اخواننا السعوديين- لم يكن وليد اللحظة؛ بل هونتيجة تراكمات فكرية وثقافية وسياسية ودينية، يمكن اختصارها في ثلاث نقاط:

1-"فوبيا إيران"، فالعداء التاريخي بين الأنظمة السياسية في الجزيرة العربية وبين إيران؛ هو صراع إيدلوجي بالدرجة الأولى، يدخل ضمنه الصراع المذهبي، وأيضاً صراع على النفوذ الأرضي والاقتصادي،وهذا ما يشكل للفريقين حالة من الإرتياب والخوف من أي حركة تصدر من الطرف الآخر، لذا فإن قيام إيران بمناورات عسكرية في بحر العرب أو بحر عمان أو في الخليج العربي يفسره الأخوة في السعودية-على المستوى الشعبي- على أنه "استفزاز"-بناء على ما هو شائع في وسط مواقع التواصل الاجتماعي، ومثله أيضاً بالنسبة للإيرانيين.

2-ينظر كثير من الأشقاء السعوديين لدولتهم على أنها "الأخت الأكبر" لدول الخليج، وبهذا المنطق فإن مشاركة السلطنة في مناورات مع إيران غير مقبولة حسب مبرراتهم أو وجهة نظرهم. وخاصة أن هناك بعض الاختلاف-القليلة جداً- في وجهات النظر السياسية بين السلطنة وباقي دول الخليج، ولعل أبرزها مسالة الاتحاد الخليجي.

3-ربما لبعض الخلافات المذهبية أو الاختلاف "النسبي" في الثقافة الدينية والمذهبية بين الدول الثلاث (السعودية-إيران-السلطنة) دور في تنامي هذا الهجوم اللفظي على السلطنة من قبل الأخوة الخليجيين.

وهذه الأسباب لا تبرر في أي حالٍ من الأحوال قيام أي فرد بالتهجم على أي دولة مهما كانت، فما بالك بأن تكون هذه الدولة هي جزء من النسيج والجسد الخليجي وهي السلطنة، ولعله من المناسب هنا ذكر بعض الأسباب التي على ضوءها تكفي لأن "يكف" الأخوة المتهجمين على السلطنة عن هذا الفعل، نذكر منها:

1-قامت عدد من دول الخليج بالاشتراك في مناورات عسكرية مع إيران، فقبل شهرين فقط (فبراير2017م) اشتركت المملكة العربية السعودية في مناورات عسكرية في باكستان بمشاركة إيران، كما اشتركت قطر أيضا قبل ثلاث سنوات بمناورات مع ايران، ووقعت قبل ذلك اتفاقيات أمنية تتعلق بسلاح البحرية مع ايران، وغيرها من الأعمال العسكرية المشتركة بين ايران ودول الخليج.

2-المناورات العسكرية المزمع اقامتها بين السلطنة وإيران تتعلق بتمارين لحماية خط النقل البحري وتمارين لعمليات الاغاثة والانقاذ البحري، ولا يشكل أي تهديد أو استفزاز لأي دولة. وخاصة أن إيران هي دولة جارة وتشترك مع السلطنة في حدود بحرية طويلة، كما تشترك في حدود الممر البحري الشهير (مضيق هرمز).

3-معروف عن السلطنة سياسة السلام والحكمة، فليس من المعقول أو المنطق أن تشارك السلطنة في أعمال عسكرية عدائية ضد أي دولة أخرى مهما كانت.

4-علاقات السلطنة بدول الخليج هي علاقة اخوة وترابط ومصير واحد، ولا يمكن التشكيك في قوة الرابطة الأخوية بينهم، والمناورات مع ايران لا يمكن أن تؤثر على هذه العلاقة، فالسلطنة دولة مستقلة ولها قراراتها السيادية التي تتخذها دون املاء أو التبعية لأحد.

5-حسب الإحصائيات الاقتصادية الرسمية الصادرة من مختلف دول الخليج والتي تنشر بين فترة وأخرى، فإن قوة التبادل الاقتصادي بين بعض دول الخليج وإيران هي أكبر بكثيير مقارنة مع التبادل الاقتصادي بين ايران والسلطنة.

أخيرا، من غير المشكك فيه بأن سياسة السلطنة الخارجية واضحة كالشمس في كبد الظهيرة  ولا تحتاج للتأويل، ولها الحق بأن تقوم بمناورات مع إيران مثلما تعمل مع باقي الدول ومنها دول الخليج، وأعتقد بأن هذا حق سيادي ولا علاقة بالآخرين به، كما من الواضح بأن هناك من يتعمد إثارة هذه المواضيع باسلوب موجه "سلباً" تجاه السلطنة مثل قناة وصال ومثيلاتها، وبالوعي نواجه الظلام.


حكاية نفر 10 ابريل2017م






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق