السبت، 22 مارس 2014

حرب الخليج الباردة (من 2014م إلى 2024م)


الحرب الباردة

في ظل الأحداث السياسية  المتسارعة  خلال الأشهر القليلة الماضية في منطقة شبه الجزيرة العربية أو ما تعرف سياسيا بـ"دول مجلس التعاون الخليجي" فقد تشكلت طرق ومسارات كلها تؤدي إلى قيام حرب خليجية باردة (وهو مصطلح لوصف حالة التوتر والتنافس والصراع بين دولتين أو أكثر) لن تقل مدتها عن عشرة أعوام قادمة على أقل تقديرا بناء على عمر ذاكرة المتعاطين مع هذه الأحداث سواء المرسلين أو المستقبلين لآلة الإعلام الموجهة.

ربما يدرك المتابعين لسياسات الدول المطلة على مياه الخليج "العربي"-حديثا- و"الفارسي" تأريخيا، بأن ثمة خلافات على بعض الملفات السياسية، لكن أن يستقبل العامة من شعوب هذه الدول وعبر منافذ حكوماتهم الرسمية تصريحات نارية ضد سياسة بعضهم البعض فهذا لم يكن في الحسبان تماما، كما أن سحب السفراء-وإن لم يكن متبادلا، يعد سابقة تأريخية هامة وعنصرا هام في بلورة شرارة الحرب الباردة يوازي اطلاق رصاصة في حربٍ نارية.

ورغم المناوشات –الصبيانية- خلال خلال الأعوام الماضية وخاصة مع نهاية 2013 عندم أعلنت سلطنة عمان موقفها من ملف الإتحاد الخليجي الذي تنبري له المملكة العربية السعودية، إلا أن عوامل الحرب الباردة قد اكتملت في شهر مارس من عام 2014م بإعلان "المحور السعودي" ويمثل السعودية والإمارات والبحرين (والتي يعتبرها البعض ليس أكثر من محافظة سعودية) قرار سحب السفراء من دولة قطر، والبيانات الإعلامية الرسمية يفنّد قرار الإنسحاب، هذا الإعلان شرّع للمغردين والكتاب والصحفيين بالتشفي السياسي من جنسيات بعضهم.

ولأن الحرب الباردة تعتمد بشكل كبير على الآلة الإعلامية فإن الحرب تبدوا متكافئة بين المحورين السعودي والقطري ، فمن المسلمات بقوة تأثير المحور السعودي إلا أن دولة قطر رغم صغر مساحتها إلا أنها تملك آلة إعلامية ضخمة قادرة على مجابهة الآلة السعودية والإماراتية بل وقد تتفوق عليها في كثير من الملفات ومنها الملف المصري، ولعل قرار سحب السفراء جاء بعد الشعور بالهزيمة والخطر من قبل المحور السعودي والإمارتي.

خلال الأشهر والسنوات القادمة سنرى حربا علنية ربما تصل لمستوى "الهوجاء" بين قناتي "الجزيرة" ممثلة المحور القطري  وبين "العربية" ممثلة المحور السعودي، قد يتساءل البعض عن "الحيادية" و"الموضوعية" في محتوى المواد الإعلامية للقناتين في ظل الظروف الراهنة، أقول: لا  توجد قناة أو صحيفة في العالم تلتزم الحياد والموضوعية كما ينبغي، يحدث أن تحاول بعض المؤسسات ذلك إلا أن الطبيعية البشرية في جميع حالاتها تجد الصعوبة البالغة في الانسلاخ من الذات والأهواء والميول السياسي والديني.
المحورين نقلا حربهما إلى ساحة أوسع وهي ساحة "تويتر"، يعمل المحورين بكل ثقلهما على طحن الآخر في "تويتر"، حتى أنه يخيل لي بأن دخان المتفجرات تخرج من جهازي النقال ما إن اتصفح "تويتر"، الطحن حاضر بين شخصيات لها حضورها في صنع القرار في بلدانهم، بجانب صحفيين ورؤساء تحرير ومقدمي برامج وزعماء الدين السياسي.

ورغم أن سلطنة عمان تحاول أن لا تظهر ميولها نحو أي من المحورين إلا أن المحور السعودي لم يتورع- من خلف الكواليس- في الزج بإسم السلطنة في الحرب الباردة، وهي من حرب من طرف واحد كون سياسة السلطنة لا تستهويها مثل هذا الألعاب الصبيانية، المحور السعودي أصبح يتوجس من كل شاردة وواردة، يتوجس من كل زيارة أو اتفاقيات سياسية أو اقتصادية تقيمها الدول المجاورة مع غيرها، وهذا مؤشر سلبي للمحور السعودي لأنه دليل واضح على اهتزاز الثقة بأنفسهم قبل اهتزازها بغيرهم.

ما أتمناه أن لا تصل هذه الحرب الإعلامية الباردة كما وصل بها الحال بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، أتمنى أن لا يقوم كلا المحورين بتمويل أفلام سينمائية أو مسلسلات درامية أو عروض مسرحية كجزء من هذه الحرب، أن لا يمولوا المعارضين، أن لا يعد كلا من المحورين قوائم لشخصيات اعتبارية في دولة أخرى لفرض عقوبات عليها، أتمنى أن لا تصل لعقوبات اقتصادية، أتمنى أن لا تصل للتنافس على تطوير الأسلحة النارية الفتاكة، أتمنى أن لا تصل لتوجيه الرأي العام بشحنات سالبة ضد الآخر. أتمنى فقط، والأيام حبلى بالأحداث.

حكاية نفر22 مارس 2014م.




هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم أولاً..

    ثانياً عندي ملاحظة الأولى هي أن الخليج هو خليج عربي حديثاً وتاريخياً ولم يكن فارسياً سوى في الإعلام الايراني وبعض الإعلام الغربي الجاهل ببواطن الأمور، لأن كلا الضفتين الشرقية والغربية تسكنها قبائل عربية حتى على الجانب الإيراني، وخصوصاً قبائل بني كعب، وأستفسر عن قضية الأهواز الذي تحتله إيران وتدعي انه فارسي.
    ثالثاً .. الملاحظة الثانية .. أن دول الخليج لا يمكن تشبيهها بروسيا والولايات المتحدة،، لأن لكل دولة منهم ثقافة وسياسة مختلفة،، بينما دول الخليج يجمعهم مصير مشترك،، وطن واحد وشعب واحد ودين واحد وأن اختلفت المذاهب والإتجاهات السياسية،، وتويتر لا يعتبر دليلاً على إتجاه سياسة الدول أو مدى صداقة أو عداء الدول لبعضها لأنه يحتوي على الكثير من "صغار العقول" ويكفي تصريح الوزير يوسف بن علوي بأن الخلاف لا يعدو كونه خلاف أشقاء سيتم حله ودياً..

    ردحذف